حسن فضل المولى ، حامد عثمان ، عبدالعظيم صالح ، عابد سيد احمد ، هاشم عمر ، عماد البشرى ، عمر محي الدين …. يكتبون عن رحيل عبود سيف الدين




عبود .. موجة حزن
حامد عثمان
القليل من الناس تلتقيهم ويتركون اثراً لطيفاً ….لا يهم طول الفترة بقدر ما يعنيك ما أودعوه من ذكرى طيبة في رصيد أيامك .الاستاذ عبود سيف الدين الذي شق على معارفه نعيه هذا الصباح من هؤلاء الناس …كلما صادفك اسمه او قرات له او شاهدته تتحسس وجدانك لتتأكد أن ذاكرهم حية ونسمات ايامهم عطرة .قابلته أول مرة في الدوحة 2006م بمركز الجزيرة للتدريب (قبل ان يتحول لمعهد ) وقد جمعتنا دورة تدريبية وتآلفنا من ساعة تجمعنا فقد شكل حضورنا تنوّعا جغرافيا قربنا زلفى وحسن وداد ، فهو من الجزيرة وكان حينها مديرا لهيئة الاذاعة والتلفزيون هناك ، وكان احمد هشاب من الشمالية يحمل ذات العنوان الوظيفي ، فيما جاء من القضارف Yasir Usif والذي تقلد فيما بعد الوزارة والولاية وما غيرته المواقع ولا الألقاب ، وزميل آخر من كسلا ، وجاء مزمل سليمان حمد من نهر النيل تسبقه سمعته وصيته كمراسل (فوق العادة ) للإذاعة القومية من دار المجاذيب.كان عبود سيف الدين أوفرنا خبرة ومعرفة بالمجال ممارسة في العمل الإبداعي والإداري ، وبحكم فارق السن توهمنا أن جداراً يريد أن ينهض فهدمه دون أن يسألنا عليه أجراً ،وأقام محله بستانا من المحبة نتكيء عليه كلما التقينا لنستظل من حر أيام تتقلب افئدة الناس ويتغير مزاجهم فيها وفق (المصالح) لا بروح (التسامح )وكان عليه رحمة الله وعفوه شديد الاحتفاء بتلك الايام ويذكرنا بمواقف وطرائف اذ جمعته به يا صديقي المجامع -على قلتها – في الواقع ، او في تعاظمها في فضاء الفيس بوك الفسيح .في (هوى السودان ) الاذاعة التي أدارها شجعني للمشاركة معهم ،فقدمت حلقات من برنامج (حقيبة دبلوماسية ) وكانت مع السفير / د. علي يوسف Ali Alsharif، تمثل هدفنا من البرنامج في طرح تجارب السفراء وعرضها للاستفادة منها وكشف ما يسمح به (الضمير الوطني والالتزام المهني ) من خفايا واسرار بعض الملفات وتاثيرها على السودان ومحيطه ، وبالرغم من عدم تمكني من الاستمرار لمشاغل عدة ، إلا اني احمد له وقفته تلك ورغبته في المواصلة متى ما تجددت بيننا الاتصالات ، وبمناسبة الاخيرة فلم يخذلني في أي مبادرة للتعاون لتغطية فعاليات زين ، وكان مايكروفون اذاعة بلادي واستديوهاتها مفتوحة باريحيته وطريقته المعهودة في المسارعة نحو انجاز ما يخدم الوطن ، وما تلكأ في قبول من ارشحه او ازكيه ليتعاون معهم ، وكان آخرهم الفقيد الإعلامي الفذ / إدريس محمد آدم (عليه الرحمة) والذي خطفه الموت قبل نحو عام.عبود سيف الدين مثال للمبدع المنتمي لوطنه والقادر على الإبحار بمهارة وسط تجاذب التيارات السياسية والعصبية وغيرها ، ظل ملتزماً بمهنيته لا يبخل وهو يسدد دين الوطن المستحق ، باذلا في سبيل ذلك طاقته وعلاقاته دون الانكفاء على قيود أيدلوجية او واجهات حزبية ، وهو درس يقدمه لامة أشقاها التصنيف وأرهقها الاستقطاب وهي في اشد الحاجة للاصطفاف .نسأل الله أن يرحمه بقدر رحمة الله وعفوه وكرمه ، وأن يحقق ما تمناه بتحرير الجزيرة من ايدي الطغاة ، فلا شك أن ما اصابها كان وجعه عليه مضاعفا كما اوجع كل سوداني ( سليم الوجدان ).


خارج الصورة
عبد العظيم صالح
في رحيل عبود سيف الدين
فجعت البلاد والوسط الاعلامي والصحفي برحيل الأستاذ والاعلامي الكبير عبود سيف الدين مدير إذاعة بلادي بعد علة طارئة لم تسعفه طويلا. بعد قدومي لبورتسودان التقيت بالراحل بعد غيبة طويلة إمتدت لأكثر من عام ونصف بدأ لي شاحبا وهي سمة أضحت مميزة للناس ورأيت في نظراته ملامح وتأثيرات الحرب اللعينة التي ألقت بظلالها السالبة علي حياة كل السودانيين داخل وخارج السودان..تجاذبنا أطراف الحديث واسترجعنا شريط ذكريات طويلة ومناسبات ورحلات ضمتنا في السابق..هذه المره حكي لي عبود وقائع رحلة أهوال الحرب وخروجه من الخرطوم ومن ثم استقراره في مدني وما ان طاب له المقام في المدينة التي أحبته وأحباها حتي فأجأته الحرب مرة أخري ببؤسها وظلمها وفجورها فرحل الي بورتسودان ورغم كل ذلك التعب لم تفقده الحرب روحه الجميلة وبشاشته وطيبته وكفاءته في ادارة وقيادة الإذاعة في ظروف صعبة وقاسية. عبود سيف الدين مسيرة مهنية حافلة في كل محطات حياته العملية وحمل اكثر من( عنوان)فهو معدا ومقدما ومخرجا ودراميا واداريا ناجحا. فهو المؤسس للاذاعات الولائيه والمتخصصة ..لن تنساه إذاعات وتلفزيون الجزيرة وهوي السودان والرياضية وبلادي وقبل كل ذلك الاذاعه الأم (هنا أمدرمان) .ولن ينساه جمهور كبير طالما اسعده في كل المواقع التي عمل بها وكان نجما سامقا في سماء الثقافة والادب والفن والابداع…حفر عبود أسمه بأحرف من نور في دفتر تاريخ الاعلام السوداني .فعل كل ذلك بجده واجتهاده ونشاطه ومرونته وسماحته وحبه للناس ومشاركاته الاجتماعية الواسعه والتي عرف بها في الاوساط الاعلاميه والفنية ..ان القلب ليحزن وإن العين لتدمع وفي الحلق غصة ولكن لا نقول الا مايرضي الله وانا لله وانا اليه راجعون ورحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وانا لله وانا اليه راجعون


كل الحقيقة
عابدسيداحمد
بعدك الأيام حزينة!!
كل من كان متابعا لصفحة الهرم الاعلامى الكبير استاذنا عبود سيف الدين فى الفيس قبل الرحيل احس بان الرجل كان يلوح كل حين بالوداع ويركز عليه وقد كتب ذلك صراحة قبيل سقوط ودمدنى كاشفا فى صفحته عن احساسه بقرب دنو اجله هناك …باعثا فينا الدهشه اذ لم نك ندرى ان احساسه كان صادقا وان ذلك ماكانت تنسجه له بالفعل الاقدار …. وإن اختلف مكان الرحيل والذى نقلته اليه الاقدار بعد سقوط مدنى ليطلق من بورتسودان صوت بلادى عبر الاثير والذى كان قد اطلقه من قبل من ودمدنى بعد الخرطوم فى اصرار منه على الا تسكت بلادى الاذاعة فى كل الظروف … ثم تشاء الاقدار ان يسلم روحه فى أرض مماته الى بارئها . ليغيب الموت عبود الفنان عالي الإنسانية الذى لم تغيبه فى حياته أى ظروف عن افراح واتراح تلزمه فهو مجامل لابعد الحدود…( أخو اخوان وزول حبوب)… كلما تبوا منصبا رفيعا ازداد تواضعا فهو خريج مدرسة هنا ام درمان التى كان من ابرز مخرجيها الذين قدموا عصارة تجاربهم للولايات ويحمد للمخرج عبود انه بعد توليه ادارة اذاعة ودمدنى جعل منها مجامر إبداع تتفتق وجعلها تصل الى اسماع اهل الولايات المجاورة وجعل لها جمهورها العريض فى الخرطوم فكنا نعرف مذيعيها وبرامجها كما نجح فى ادارة هيئة الاذاعة والتلفزيون بالجزيرة وشهد تلفزيون الولاية فى عهده طفرة لافتة فى كل شئ ثم انتقل عبود مديرا للاذاعة الرياضية وغادرها تاركا بصماته فيها ثم انشأ اذاعة هوى السودان والتى استطاعت برغم حداثة انطلاقتها على يديه ان تصبح سريعا من إذاعات اف ام الاوسع انتشارا فالاستاذ عبود ارتبط اسمه بالنجاحات كما ارتبطت تجاربه بالتميز.. وعندما جاء لاذاعة بلادى مديرا خلفا للمهندس عبد الرحمن ابراهيم مؤسسها صادف ظروفا صعبة و معقدة بالبلاد ولكنه عرف كيف يتجاوزها وكيف تحافظ الاذاعة على تميزها..والقها. وعبود مخرج ومقدم برامج مميز وادارى متفرد ورجل علاقات عامة من الطراز الاول يدخل القلوب بلا استئذان لذلك بكاه الداخل والخارج وفى الخارج ظل يشكل الحضور الفاعل فى كل اجتماعات إذاعات الدول العربية التى هو احد اعضائها المؤثرين والفاعلينحاشية: رحل عبود بجسده تاركا بيننا تلاميذ كثر صاروا نجوما كما ترك برامج مميزة فى مكتبات الاذاعة والتلفزيون ومؤسسات كان وراء قيامها وثباتها كما ترك لاسرته سيرة ومسيرة عطرة يباهون بها.


استاذنا عبود سيف الدين اخر ظهور
عماد البشرى
هي عبارة توجد في خدمات الواتساب احدث تقنيات التكنلوجيا الحديثة لمعرفة متى كان الاخر متواصلا لم تسترعي انتباهي الا قبل لحظات عندما طرقت باب رقم استاذنا وصديقي العزيز عبود سيف الدين وكان اخر ظهور له يوم الاحد الماضي الساعه العاشرة والنصف مساء هناك كان اخر ظهوره وتواصله لست ادري من هو اخر انسان تنسم عبير حروفه لكن الان اخر ظهوره سيكون للابد
فقد رحل عبود سيف الدين انتمى الى ممالك الموت بشهادة جديدة ولقب جديد لم يكن يتقدم ابداعه ولاسيرته العطره ولانبله الفياض ولا قدرته على احتواء كل الاجيال الجديدة ،نعم التحق به لقب المرحوم هكذا فجاء دون استئذان فاجأه الموت كعادته واصاب منه مقتلا اوجعنا جدا ذلك الزائر المخيف وكما قال المتنبي (اين الجبابرة والاكاسرة) نعم انتمى عبود الى عوالم الرحيل وترك بصمته في الحياة ترك انقى سيرة واصفى سريرة .
لااذكر بالضبط متى التقينا وجها لوجه لكني استنشقت عطره وهو في مدني وانا طالب ثانوي والتقيته وانا اذاعي اكافح في صخر الظروف لاكتب اسمي الذي لم يكتب بعد في صفحة المبدعين ، كم كان عطوفا ودودا معي في اول لقاء اخبرني انه يسمعني واني اختطيت لنفسي مدرسة جديدة وانه معجب يتجربتي رغم حداثتها . فسررت وقتها حد الرعونة نعم هناك سرور ارعن لكنه في حضرة الاستاذ عبود له مذاق خاص وكان الود بيننا لاافتا دوما الا واسال عنه كل فترة متى ماشعرت انه طال الامد بينتا ابادر بالسؤال عنه كان هاتف خفي داخلي يحرضني ان املا ذاكرتي كثيرا بصوته المميز وابويته المترعة بالصدق وكانت اجمل سهراتي معه في عيد اضحى قبل اربعة اعوام واسميتها عبر الاثير اكسبني فخرا واعزازا انه قال لي اول السهرة انه سعيد بالحوار معي وان الكتوف تلاحقت لكني اعلم ادبه الجم فالكتوف لن تتلاحق لكن عبود نبيلا وكريما حد التواضع وكانت اندى السهرات واخر مكالمة بيننا كانت في رمضان وهو يهاتفني من بورتسودان لاسجل لمستمعي بلادي شي عن علاقتي بعوض احمد خليفة وكان مهذبا وهو يطلب ذلك برقة ويداعبني جيب من بيت الكلاوي ياعمدة وقطعا ارسلت له من بيت الكلاوي وافترقنا
رحلت استاذي واخر ظهورك رسالة لنا جميعا الا يكون اخر ظهورنا فيه جرح للاخرين ان لانكون كتبنا حروفا نكسر بها قلوب من احبونا الا نكون قتلنا بالكلمات الاف المشاعر عند قلوب نابضة بالصدق
الا رحم الله استاذنا عبود واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء


مدارات للناس
هاشم عمر( ورحل عبود في يوم الصحافة)
احتفل العالم امس الاول باليوم العالمي لحرية الصحافة وتأسيسا علي اليوم العالمي الذي ياتي في السودان والبلاد تشهد حربا مفروضة عليها تخطيطا وتمويلا وتنفيذا ومنذ اندلاع الحرب عاني الصحفيون من استهداف واضح وممنهج حيث اصبحت دورهم ومقراتهم هدفا رئيسا خاصة القنوات الفضائية والاذاعات الرئيسة الفاعلة ودور الصحف والمطابع ونتيجه لجميع هذة المعطيات آلتي عززت الوضع البائس والمتردي في الصحافة الورقية من قلة التوزيع وارتفاع مدخلات الانتاج مما انعكس سلبا علي العاملين في الحقل الصحفي. والصحفي السوداني مشهود له بالمصداقية والنزاهة فكثير من الصحقين السودانين حازوا علي جوائز قيمة في العمل الصحفي بكل فنونه وضروبة. وقديما اطلق علي الصحافة السلطة الرابعة ولكن بعد ثورة الاتصالات اصبحت الصحافة المقروء والمرئية والمسموعة تمثل السلطة الاولي. ودونكم سلطة الصحافة التي أسقطت اقوي رئيس في الدولة الاولي في العالم الرئيس الأمريكي(نيكسون )الذي قدم استقالته اثر كشف الصحافة لعملية تجسس مكتملة الاركان علي المرشح الديمقراطي المنافس للرئيس. بما عرف بمحاكمة(وترغيت ) اسوق هذة القصة وانا امكث قرابة العام في العاصمة الإدارية للبلاد بورتسودان التي اصبحت ملاذا امنا للصحفين واهل الإعلام واقف يوميا علي معاناتهم اليومية في الحصول على سكن مناسب وتقدير يليق بهم وما قدموه وما ظلو يقدمونه وهم اقل الفئات المهنية من حيث العائد المادي ولا توجد صحف او مواعين إعلامية لاستيعابهم وبعضهم او جلهم فقد مصدر رزقه واصبح(نازحا)في بلده وهذه رسائل في بريد وزير الإعلام في النظر اليهم ورد اعتبارهم والاستفادة منهم وايجاد بدائل عاجلة خاصة في السكن الذي يليق بهم بدلا من مراكز الإيواء في أطراف العاصمة الإدارية الجديدة علما بان جل الصحفين واهل الإعلام نزحوا الي الدول المجاورة مثل مصر ويوغندا ودول الجوار والولايات الامنة وخاصة بورسودان .مدار ثاني:فقدت البلاد اليوم قامة اعلامية فذة تتلمذت علي يديه أجيال إذاعية واعلامية عديدة تعتبر امتداد لمدرسته المهنية القائمة علي البذل والعطاء بلا انتظار لمقابل يوازي ما قدمه طيلة مسيرته الاعلاميه المتميزة عمل الراحل المغفور لهو الأستاذ عبود سيف الدين مديرالإذاعة بلادي إضافة لذلك فقد بذل مجهودا كبيرا في تاسيس عدد من الإذاعات الناجحة وانتقل الي ودمدني وبعد سقوطها انتقل بها الي بورسودان. وكان عنوانا للاجتهاد والاخلاص والتفاني في العمل. ويعتبر من المهتمين بالتوثيق لعدد من القامات الفنية. كالراحل محمد الأمين والراحل زيدان ابراهيم والراحل علي إبراهيم اللحو وعدد من الفنانين ونقدم بخالص التعازي الي قبيلة الإعلام وأخص أستاذي عاصم البلال ورفيقية الأستاذ عابد سيد احمد والأستاذ عبد العظيم صالح الذين كانو حضورا منذ لحظة اعلان الوفاة واخر المغادرين من مقابر السكة حديد حيث توسد جسده الطاهر ثري بورتسودان التي أحبها الراحل تغمده الله بواسع رحمته وانا لله وانا اليه راجعونمدار اخير:مع الوقت ستدرك أنك أعطيت قيمة لأشخاص حتى أهلهم لا ينتظرونهم على العشاء#دوستويفسكي


كتب حسن فضل المولى
عبود سيف الدين ..
إفْتقَدَه اليومَ أهلُهُ و أصدقاؤهُ
و أحبابُه و معارفُه و زملاؤه ،
و هم كُثُر ..
و أنا أفتقده كأشدّ ما يكون الفقد ..
لقد كان أثيراً لدى نفسي ..
و كان يؤثرني و يعزني ..
تجده دائماً إلى جانبك ..
ينصفك ،
و ينافح عنك ،
و يثني عليك ..
لقد أنفق سني عمره في التحَّبُّبِ
إلى الناسِ فأحبه الناسُ ..
و ما رأيت منه إلا ما يُحبب فيه ،
و يجذب إليه ..
كان دائماً في حالة تودد و إقبال ،
إذ يُقبل عليك بقلب ٍسليم ، و روح ٍ
حميمة ..
لقد أخلص لعمله غاية الإخلاص ،
و جعل من الوظيفة سبيلاً لخدمة
الآخرين ، و التمكين لقيم الحق
و الخير و الجمال ..
و عندما بلغني نبأ مرضه كتبت
إليه ..
( إن شاءالله بخير ،
طمنا على الصحة ) ..
و ظللت أتحرَّى رده ،
و ما كنت أحسب أنها ( الرسالة )
الوحيدة و الأخيرة و التي ستبقى
معلقة بلا جواب إلى أن نلتقي
عند المليك المقتدر ) ..
اللهم اغفر له و ارحمه ،
( إنا لله و إنا إليه راجعون ) ..
حسن فضل المولى
السبت ٤ مايو ٢٠٢٤ ..


كتب عمر محي الدّين الزّمان : عصر احد ايّام العام 1994المكان :مكتب المدير العام لإذاعة ودمدني ؛ المهندس الرّاحل ، صلاح طهالحدث :الدّورة التّدريبيّة للمذيعين الجُدد(فُنون العملِ الإذاعيّ)الحضور: أحمد سالم ،اماني ضو البيت ،نصره حسين أماني البشير ، الرّاحل محمّد عبد الرّازق عبد الكريم الرّاحل عبد الرّحيم احمد عبد الحي وليد عبد الرّحيم حسن …محمد كامل الرّاحل حسام علي الأمين وجدان زكي عبد العظيم الأمين حسين ،ندي الطّريفي عبد الرّحمن، وشخصي الضعيف .المحاضر : الإذاعيّ القدير والذي فُجِعنا فيه ظُهر هذا اليوم (استاذنا الإذاعيّ الشّامل إبراهيم عبّود سيف الدّين)حينها كنّا نتلمّس الخُطوة الأولى لفنون العمل الإذاعيّ؛ المبني علي الموهبة والإبداع الذّاتي ،قبل التّعلّم والتّدريب ، كيف لا وقد وجدنا في ودمدني الإذاعة حينها مايُدخلِ الرّهبة والخوف إلي نفسك ؛ الرّاحلون( السّرّ حقّار ، مجدي علي العجب ، محمّد عثمان منصور، وعبد الماجد عبد الرّحمن محجوب وأسماء دَفْعُ الله. والأعزّاء متّعهم الله بالصّحّة والعافية (الصّادق ساتي، أسامة علي حُسين ، إحسان عبدالماجد ، ساميه دَفْعُ الله ،منال مهدي، بهاء الدّين علي بشير ،حاتم محمّد عثمان ، ابو عبيدة أبو عرب ، لقمان همّام، عماد همّام ، محمد نور السّاري ، الطّيّب بانقا وحنان بابكر ؛ ووقتها انتقل أستاذنا الكبير؛ الطّيّب قسم السّيد مؤسسًا لإذاعة القضارف؛ كانتِ المرّة الأولى التي أُشاهدُ فيها، وأستمعُ إليه عَيانًا بيانًا ؛ كنت أُحِسّهُ وأتلمّسُهُ من خلال رؤيته الإخراجيّة المميّزة عبر برامج إذاعة ودمدني (استديو المنوّعات ، ملتقى الأصدقاء ، صباحكم زين ، وغيرِها من الفرائد التي رسّختها مدرسة ودمدني الإذاعيّة ؛ والتي يُعتبر عبّود سيف الدّين .ركيزةً أساسيّةً من ركائِزها .تعارَفنا حينَها وعرّفنا بنفسه بأنّه [اخونا الأكبر] المخرج عبّود سيف الدّين ..وأنّ اسمه الحقيقيّ( ابراهيم عبُود سيف الدّين؛ أسماه والده على الرّاحل الجنرال( إبراهيم عبّود) من أبناء امدرمان العريقة نشأةً وميلادًا. لكنّه أحبّ الجزيرة وإنسانها ، واحتوته ودمدني التي صار احد أبنائها البررة؛حينها سألنا (ماذا تعرفون عن الإخراج الاذاعيّ ؟ وطلب من كلّ واحدٍ منّا أن يجدَ تعريفًا له .أدلى كُلٌّ منّا بدلوه؛ معرّفًا الإخراج حَسْبَ معرفته، مِنّا مَن أطال، ومِنّا مَن اوجز ، حينها أدركتُ من خلال الاستماع أنّ هذه الدّفعة (الكوكبة من الإذاعيّين سيُكتب لها النّجاح إن لم يكن خُلود الاسماء .إن أنسَ لا أنسى هذه المحاضرة و الجِلسة، رفقة الرّاحل عبّود سيف الدّين ، والتي بدأ فيها ؛ عارفًا ومثقّفًا ومُلِمًّا بمهنته، حاذقًا ومُتقنًا . لخّصَ لنا حينها، أنّ الإخراج الإذاعيّ هو (وِجهة ُ نَظرٍ) لا أكثر ولا أقلّ، وأسهبَ بعدها بالشّرح، فرسخت معلومته في أذهاننا وحفظناها، ومِن ثَمّ طَبّقناها عملًا واتقانًا. من هذا الدّرس المُتقن الذي قدّمه لنا ، بدأنا مسيرتنا الإذاعيّة والإبداعيّة والابداعيّة.حفر عبّود محاضرته هذه في اعماقي وراسي واظنّ انّي (حفظتها عن ظهر قلب) ،وظللت أردّدها على متدرّبي هذه المهنة ؛ عندما أتاحت ليَ الظّروف أن أكون مُدرّبًا مُعتمدًا من الجهات ذات الاختصاص بين مراكز التّدريب ،وبعض مؤسّسات التّعليم العالي بالسّودان (عِلمًا إنّي لم أكن أميز تلك الدّفعة المميّزه بحقّ ، وإن كنتُ سبقتُهم بعامٍ كاملٍ أمضيتُه بإذاعة أمدرمان مذيعًا متدرّبًا علي يد الرُاحل الكبير كمال محمّد الطيب ، طيّب الله ثراه.ومن ذلك الحين ظلّ عبّود سيف الدّين حاضرًا فينا ؛ أستاذًا ومعلّما ومراقبًا ، مُحْدِثًا فينا؛ يُحدّث لنا المعلومة والفكرهة.تدور هذه الأحداث_ واسترجعها الان – وقتها كان الرّاحل المهندس صلاح طه مديرًا لإذاعة ود مدني ، وكان ينوب عنه الرّاحل عبّود سيف الدّين ..ظللنا بإذاعة ودمدني بعد فترة التّدريب لسنواتٍ- تعلّمنا فيها على ايديهم مانمتهنُه الآن . كانوا خيرِ المدرّسين والمثقّفين والمعلمين ..اخذنا بين الشّدّة واللّين، حتُي خرجنا كما نحن الآن.لسنوات بعد هذه الفترة انتقل صلاح طه مديرًا عامّا للاذاعات الولائيّة والموجهة والمتخصّصة بأمدرمان ، وظلّ عبّود مديرًا عامّا لإذاعة ودمدني ، لم تشغلْه الإداره عن ممارسة هوايته، ومهنته، في الإخراج والتّقديم ، بل تنازل عن مهامه مديرًا ، ولا أذكر عدد المرّات التي قام فيها بترحيل ورديّات الإذاعة بنفسه ؛تَطْوافًا علي أحياء ودمدني المختلفة؛ تعلوه الابتسامة التي لم تفارقه حتّى رحيله؛ أجدُ نفسي أكثرُهم حُزنًا وألمُا في هذا اليوم، فعبّود سيف الدّين لم يكن فقط مديرًا ،مبدعًا مخرجًا جبّارًا ؛ بل كان أخًا وصديقُا ، مهذّب النّبر والفكرة ، حَسنَ الهندام والمظهر ، أخرج عبّود نفسَه، وشخصيّته فاجاد .لم تخلو حياتنا المهنيّة بين إذاعة ودمدني وهوى السّودان من اختلافات مع استاذنا عبّود ، واشهد له بسَعة الصّدر والتّجاوز الحَسَن الجميل ، وإن كان ذلك لايُنسِينا أستاذيّتُه ،خلافاتَنا المهنيّة لم تُفسدِ للودّ بينَنا قضيّة.غاب عبّود وكلّنا موعودٌ بيوم يودّعنا فيه من نعرف ومن نُحبّ .سيظلّ عبّود _فينا- حاضرًا اسمّا ومعنىً ومضمونا .اللّهمّ ارحم عبدَك إبراهيم عبّود سيف الدّين، وتجاوز عنه وأكرمْ وِفادته ،واجعل قبره روضةً من رياض الجنّة،إنّك وليُّ ذلك والقادر عليه، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه ، واكتب لنا حسن الخاتمة اجمعين …(ابها ..السعوديه 4مايو ٢٠٢٤)
عمر محي الدّين