
قطر والسودان: صنائع المعروف وسحائب الإحسان
أثبتت قطر أنَّها الشريك الأكثر فاعلية في المجتمع الدولي لتعزيز وتحقيق الأهداف المرتبطة بالعمل الإنساني و مساعدة الشعوب المنكوبة، وتخفيف المعاناة الإنسانية في عالم تحيط به الكوارث الطبيعية من سيول و فيضانات و زلازل و تغير مناخي و تحيق به الأوبئة الفتاكة، و تنهكه النزاعات و الحروب، فظلت دولة قطر ترمي بسهامها في كل المجالات و تدلو بدلوها في كل الميادين حتى جعلت من نفسها أيقونةً للعمل الإنساني و ملتقى للغرماء و بوتقة للسلام ومهما جرى قلمي على هذه الصفحات لا يفِ بما قدمته قطر على المستويين الإقليمي و الدولي. أما نحن أهل السودان، فستظل ألسنتُنا تَلْهَجُ بالشكر، و أفئدتُنا تنبض بالعرفان لدولة قطر قيادةً و شعباً، فقد أظلتنا سحائبُ كرمهم و سخائهم من غير منٍ و لا أذى، و غمرتنا مواكبُ عطائهم دون انتظارِ مقابلٍ، فاحتضنت دوحةُ الخير مفاوضات سلام دارفور و بذلت جهوداً مضنيةً و صبراً جميلاً، و تكللت جهودُها بتحقيقِ السلامِ و الوئامِ بين أبناءِ الوطنِ الواحدِ بعد صراع طال أمَدُه، و فاق حدَّه، و لم يُقْتَصرْ دورُ الأشقاءِ في قطر بإقناع الأطراف بوضع السلاح فحسب بل تجاوز إلى البناء و التنمية، فكانت المشروعات الاقتصادية و التعليمية والصحية و أصبحت الفرحة فرحتين، ورسمت ابتسامة على وجوه النازحين و اللاجئين و هم يعودون في رحلة طوعية إلى ديارهم و ربعهم. كذالك فعلت في شرق السودان بعد اتفاق السلام مع جبهة الشرق عام 2006م. وفى شمال السودان في مشروع تأهيل الآثار وفى بناء سد مروى. وظل رأسُ المالِ القطري من أكبر المساهمين في التنمية والاستثمار بالسودان، في الزراعة والصناعة وغيرها من النشاطات التجارية وأطلت السيولُ والفيضانات محنةً وابتلاءً أحلَّ بأهلِ السودان فتداعى لها أهل الخير والبر والإحسان من الدول الصديقة والشقيقة، وكانت دولة قطر كما عَهِدَهَا أهلُ السودان في مقدمة الركب الإنساني، ولم تبرح المنظمات الخيرية القطرية مكانها في السودان متمثلة في قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري وغيرها من المنظمات ولسان حالهم يقول:
إذا ردد إخوتُنا في السودان لحنَ الفِدا وثَبْنَا سراعاً وكُنَّا صدى وسِرْنا صُفُوفاً نلاقي الرَدى ولو كان حوضُ الرَدى موردا
وحقيقةً تعجزُ الأقلامُ وتَعْيَ الألسنةُ وتتقاصرُ الكلماتُ عن حَصْرِ أيادي قطر وجمائِلها وفضائِلها على السودان وأهله. والآن والسودان يَشْهَدُ أسوأَ كارثةٍ و أكبرَ مُصِيبة منذ استقلاله بل في تاريخه الحديث، حرب ضروس لم تُبْقِ و لم تَذر، قضت على الأخضر و اليابس، شَرَّدَتْ و هَجَّرَتْ، و أبدلت المواطن بعد أمنٍ خوفاً، في ظلِّ هذا الوضع الإنساني البالغ السوء و تفاقم الأوضاع الأمنية و الصحية و صعوبة الظروف الحياتية و المعاشية تتقدم دولة قطر الصفوف فتسير قوافل الدعم بكل أشكاله جسوراً جويةً تحمل المؤنَ الغذائية و الأجهزة و المعدات و المواد الطبية إلي ولايات السودان المختلفة، و تحمل أبناء السودان المقيمين بقطر في رحلة العودة للدوحة لمزاولة أعمالهم. ويتابع أهل السودان الجهود الصادقة التي يقوم بها سمو الأمير تميم بن حمد حفظه الله مشكوراً وتواصله مع قيادات الدول على المستوى الإقليمي والدولي لإيجاد مخرج سياسي ودبلوماسي لهذه الأزمة. حيث حملت الأنباء نبأ الاتصال الذى تم بين سمو الأمير والرئيس عبدالفتاح السيسي الذى بحث موضوع إيقاف الحرب وإحلال السلام في السودان. بالأمس جاءت الأنباءُ تحمل البُشرى لأهل السودان بانعقاد مؤتمر للمانحين للسودان والمنطقة في التاسع عشر من يونيو الجاري تشارك فيه دولة قطر جنباً لجنب مع السعودية ومصر وألمانيا والإتحاد الأوربي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ويتطلع أهل السودان لدور محوري لدولة قطر في وقف الحرب وإحلال السلام. وإعادة البناء لما دمرته الحرب من بنيات ومرافق حيوية في التعليم والصحة والطرق والجسور والمطارات والكهرباء و محطات المياه. تتدافع الحروف وتتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات وتتبارى القوافي، ولكنها تعجز وتتضاءل في التعبير عن مشاعر أهل السودان تجاه الإخوة الكرام في قطر قيادة وشعباً. فشكرا وجزاكم الله خيرا سمو الأمير تميم. شكرا وجزاكم الله خيرا أهل قطر ومنظماتهم الخيرية وسفارتهم لدى السودان بقيادة السفير الهمام محمد بن إبراهيم السادة. سعيتم فكان السعيُ مشكوراً فإنْ جفَّ حبري عن التعبير ….. يكتُبُكُمْ قلبٌ به صفاءُ الحبِّ تعبيراً. بروفسير مصطفى عثمان إسماعيل الأمين جامعة حمد بن خليفة. وزير خارجية السودان الأسبق. 14 يونيو 2023م.